مقابر تتحدث

تأخذك الرهبة ويأخذك الخوف عندما تمر بجانبها،
هنا تتذكر إنك ستؤول إلى ما آلوا إليه ، إنه التفكر الذي يلازم
أصحاب العقول الذين يدركون ماذا تعني المقابر؟؟؟؟
و يدركون أن الحياة لا معنى لها بدون التفكر في قدرة الله
وعجائبه، فقد كانت عند البعض المكان الملهم لقدرة الخالق
والمكان الذي يذكرهم به إذا ما نسوه. المكان الذي يكسر فيه
أنف المتعالين وتنخفض فيه هامة المتكبرين وتقيد فيه ألسنة
المتغطرسين، وترتجف فيه قلوب الخائضين في غمار هذه
الدنيا الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
يهلل الجميع عندما يحملون الجثامين إليها ، يهلل الصالح
والطالح، الفاسق والمؤمن، القوي والضعيف، الفقير والغني
فمن كان قلبه حيا سيتفكر وسيعتبر ومن كان قلبه ميتا سينتظر
إلى أن يحمل إليها.
المقابر مآل الجميع يدفن فيها الفقير والغني، المظلوم
والظالم، العالم والجاهل ، فمن حسب حساب هذه المقابر
قبل أن يموت فقد ظفر وابيضّ وجهه وكانت المقابر لجثته فسيحة
ومن لم يرتجف قلبه لرؤيتها ومضى في غيّه ضاقت وكانت لعظامه كسيحة
فهشّمت عظامه بين فكّيها وضاقت عليه واسودّ وجهه إلى يوم الدين
الكثيرون لم يأخذوا منها العبرة يمرون بجانبها ليلا ونهارا
وكأنها تقول لهم جهارا اتقوا الله كي أحتضنكم مثل لو كنتم صغارا
ولكن عمت عنها العيون وصمت لندائها الآذان
فهل تسمعون ندائها ؟؟