الفلسفة والثقافة

الْفَلْسَفَة ، وَالْثَّقَافَة


هُمَا ثَوْبَان نُلْبِسَهُما لَأَبْسُط أُمُوْرِنَا فَقَط كَي نْفَخِّمُهَا..
وَمُخْطِئ مَن يَهْتَم بِفَخَامَة الثَّوْبَيْن ، غَيْر مُهْتَم بِمَا تَمَّت حِيَاكَتِهُما ..!
وَغَيْر مُهْتَم بِمَن لَبِسَهُمَا ..!


حِيْن يُقَال ان فُلَان فَيْلَسُوْف ، او فُلَان مُثَقَّف فَهَذَا لَا يَعْنِي ان فُلَان انْسَان
رُفِّع عَنْه الْقَلَم عَن الْحِسَاب وَالْعِقَاب .. أَو أَن فُلَان لَا يَعْرِف الْخَطَأ فِي حَيَاتِه..
فَكَم مِن الْفَلَاسِفَة مَن عَاش حَيَاتَه تَعَيَّسَا لَم يَعْرِف كَيْف يَّتَخَطَّى الْحَزَن فِيْهَا ،
وَكَم مِن الْمُثَقَّفِيْن الَّذِيْن لَم يَفْهَمُوْا مَعْنَى الْسَّعَادَة وَالْإِسْعَاد..

وَطَبْعَا اقْصِد بِهَؤُلَاء مِن هُم قَد سُمِيّوَا بِالْمُثَقَّفِيْن وَالْفَلَاسِفَة ،
وَكُتُبِهِم الْتَّارِيْخ بِقَلَمِه وَوَصَفَهُم بِتِلْك الْصِّفَات الَّتِي قَد شَمِخْتِهُم ،
وَفُخْمَّتِهُم ، وَكِّبْرَتُهُم ، فِي أَعْيُن مَن يَقْرَأُوْن عَنْهُم ..
فَهَل فِعْلَا الْتَّارِيْخ قَد صَدَق فِي قَوْلِه ?
وَهَل فِعْلَا هَؤُلَاء أُنَاس إسْتثَنَائيُون عَن غَيْرِهِم فِي مَسِيْرَة حَيَاتِهِم..!?

إِذَن لِمَاذَا حِيْن مُتَابَعَتِنَا لْحَيَاة بَعْض الْفَلَاسِفَة وَالْمُثَقَّفِيْن نَجْد بِأَن الْأَخْطَاء
تُوَاكِبُهُم فِي مَسِيْرَتِهِم ، وَاغَلْبِهُم لَم يُّفْلِحُوَا حَتَّى فِي زَرْع الْسَّعَادَة فِي حَيَاتِهِم
الْخَاصَّة ..!?
هَل لِأَن عُقُوْلِهِم ظَلَّت مُبَرْمَجَة عَلَى الْأُمُور الَّتِي هُم قَد نَجَحُوْا فِيْهَا مِن الْتَّفَلْسُف?!
وَمِن الْجَرَيَان حَوْل الْتَّثَقُّف الْعَام ، او الْخَاص فِي امْر مَا ، قد يَخُص جَوْهِّرِهُم الْعَمَلِي مَثَلا!!

وَهَل بِمُتَابَعَتِهِم الْخَاصَّة لْجَوْهِّرِهُم الْعَمَلِي ، وَالتَثَقّف فِيْه وبِخَسَارَتِهُم لابْسّط امُوْرِهِم الْحَيَاتِيّة
يَكُوْنُوْن يَسْتَحِقُّوْن تِلْك الْصِّفَات ??!!

إِذَا كَان فِعْلَا هُو كَذَلِك ، فَإِنَّنَا نَجِد بِأَن الْثَّقَافَة لَيْسَت حِكْرَا عَلَى أَمْر وَاحِد ،
فَكَم هُنَاك مِن مُثَقَّف فِي أَمْر مَا ، وَلَكِنَّه لَا يَفْقَه فِي أَمْر آَخَر خَارِج نِطَاق ثَقَافَتِه وَلَو مِثْقَال ذَرَّة ..!

إِذَن الْثَّقَافَة مُتَعَدِّدَة الاوَجّه وَلَيْسَت مُحْتَكِرَة لِوَجْه وَاحِد ، او مُتَوَجِّهَة لِمَسَار وَاحِد ..

وَلَو فِكْرِنَا فِي هَذِه الْنَّاحِيَة نَجِد أَن "الْإِنْسَان" الْبَسِيْط الَّذِي مَازَال
يَحْتَفِظ بِسَعَادَة اسْرَتِه ، وَإِنْشَاء حَيَاتِه الْبَسِيطَة دُوْن تَعْكِير صَفْوَا مِن
يُصَاحِبَه فِي حَيَاتِه ، او عَمَلُه ، يَكُوْن ايْضا إِنْسَانَا مَثَقَّفَا فِي الْمُعَامَلَة
الْإِنْسَانِيَّة .. إِنْسَانَا مَثَقَّفَا وَعَالِما فِي كَيْفِيَّة الْمُحَافَظَة عَلَى الْسَّعَادَة
فِي حَيَاتِه مَع اسْرَتِه وَمَن هُم قَرْيِبُوُن مِنْه...

إِذَن لِمَاذَا لَم يَكْتُبْه الْتَّارِيْخ كَمُثَقَّف..!?

أَم ان انْوَاع الْمُثَقَّفِيْن الَّذِيْن يَكْتُبُهُم الْتَّارِيْخ هُم صِفَة مُعَيَّنَة فَقَط?!

اما عن الفلسفة ، فالفلسفة ، هِي مُتَابَعَة فِكْر فِي مُحَاوِر عِدَّة وَتُوَاصِل عّقْلِي مُتَرَابِط بَيْن
الْكَثِيْر مِن الْعُقُوْل وَرَبَطَهَا بِمِحْوَر وَاحِد .... وَإِن كَان مُتَعَدِّد التَّوَجُّه..

وَلَكِن لِلْأَسَف اصْبَحْت الْفَلْسَفَة بَعِيْدَة كُل الّبُعَد عَن صِحَّتِهَا وَحَقِيْقَتُهَا حَالِيّا...
اصْبَحْت الْفَلْسَفَة الْمَعْرُوْفَة حَالِيّا هِي "الْمُجَادَلَة" و "الْمُرَاوَغَة"
وُكُل مَا يُشَابِه تِلْك الْحَالَات مِن انْوَاع الْحِوَار وَالْحَدِيْث ...

فَهَل هَؤُلَاء المُرَاغُون ، وَالْمُجَادِلُون هُم مِّن جَمَاعَة الْفَلَاسِفَة والمثقفين ..!?